هل نملك المال لحماية البيئة؟
خلص مسح أجرته مؤخراً "الجمعية الأميركية لمستلزمات الحيوانات الأليفة" إلى أن الأميركيين ينفقون سنوياً نحو 1385 دولاراً للعناية بكل كلب أليف، و890 دولاراً للعناية بكل قط أليف. ويزيد مجموع ما يدفعه الأميركيون للاهتمام بهذه الحيوانات عن 200 بليون دولار سنوياً.
قد يبدو الرقم مذهلاً لا يصدق، لكن بإجراء مقارنة مع الأرقام التي تقترحها مؤسسات أخرى لا نجد كثيراً من الفوارق. 200 بليون دولار تعادل خمسة في المئة من مجمل الميزانية الحكومية الأميركية، وللمفارقة فإن تسعاً من كل عشر دول حول العالم تقل ميزانيتها السنوية عن هذا الرقم.
حتى أن قيمة المساعدات التي ستقدمها الوكالة الأميركية للتنمية في سنة 2019، وتبلغ 16.8 بليون دولار، تبدو بسيطة أمام الإنفاق الأميركي على القطط والكلاب. لا أريد أن أبدو شريراً، لكن بلداً يدفع هذا المبلغ على حيوانات أليفة تسير على أربع يستطيع من دون شك توفير مبلغ مماثل لمساعدة الكائنات العاقلة التي تسير على اثنتين.
في سنة 2014، قدّرت اللجنة الدولية للتغيرات المناخية أن العالم بحاجة إلى استثمارات بمقدار 13 تريليون دولار حتى سنة 2030 لدعم الجهود الرامية لتحقيق الاستقرار في انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري. 200 بليون دولار سنوياً يمكنها أن توفّر وحدها ربع هذه الاستثمارات.
سنترك أمراً مصيرياً كتغير المناخ، ونرجع إلى أحد أساسيات الحياة، وهو الغذاء. في سنة 2015، قالت الأمم المتحدة إنها بحاجة إلى ما مجموعه 267 بليون دولار سنوياً من أجل إنهاء الجوع في العالم. مبلغ 200 بليون دولار، الذي يُنفق على القطط والكلاب في الولايات المتحدة، يكفي لإطعام ثلاثة أرباع الجوعى على كوكب الأرض!
لننتقل من الغذاء إلى الماء. في سنة 2017، رأى البنك الدولي أن دول العالم يجب أن تنفق 150 بليون دولار سنوياً لتوفير المياه السليمة والصرف الصحي للجميع، مما سيساعد على الحد من أمراض الأطفال ووفياتهم ويعزز النمو الاقتصادي. من الواضح أن 200 بليون دولار أكثر من كافية لتحقيق هذه الغاية.
سأتوقف عند هذا الحد، وأُخرج القطط والكلاب من المعادلة، وأضع مكانها الإنفاق العسكري. بطبيعة الحال، يمكن تحويل الإنفاق العسكري بأكمله لدعم البيئة والتنمية إذا تحقق السلام العالمي، لكن يبدو أن هذا الأمر هو ضرب من الخيال.
لنكن حالمين ونتخيّل، مثلما أنشد الموسيقي البريطاني جون لينون، أن جميع الناس أصبحوا يعيشون حياتهم بسلام. في هذه الحالة سيكون بين أيدينا 1700 بليون دولار هي قيمة الإنفاق العسكري السنوي لجميع الدول. هذا المبلغ يكفي وحده لمعالجة مصائب العالم بما فيها مواجهة الاحتباس الحراري والقضاء على الجوع وتوفير المياه الآمنة للجميع.
البشر يملكون من الموارد ما يكفيهم لتجاوز أغلب مشاكلهم، فالمسألة فعلياً ليست بالتمويل بقدر ما هي بطريقة التفكير. عندما نهتم بغيرنا ونسعى لتوفير البيئة السليمة والحياة الكريمة للجميع، لن يكون هناك مبرر لشنّ الحروب، ومع تراجع التسلح ستكون الوفرة تحصيل حاصل. أما إذا فعلنا العكس، فالنتيجة هي ما نشاهده حالياً: بيئة ملوّثة وموارد مهدورة وعالم تشتعل فيه الحروب.